
شهدت مدينة بنزرت ليلة استثنائية يوم 27 جويلية 2025، مع إحياء الفنان اللبناني وائل جسار لحفل فني ضمن فعاليات الدورة 42 لمهرجان بنزرت الدولي. وقد امتلأت مدارج المسرح الصيفي بالجمهور الذي توافد بأعداد كبيرة من مختلف الأعمار والولايات، حاملين معهم الشوق لسماع صوت جسار الذي طالما رافقهم في لحظات الحنين والرومانسية.
منذ الساعات الأولى للمساء، بدأت طوابير طويلة تتشكل أمام أبواب المسرح، في مشهد يُظهر مكانة وائل جسار لدى الجمهور التونسي، حيث نفدت تذاكر الكراسي بالكامل قبل أيام من الحفل، وبقيت تذاكر المدارج محدودة وتُباع بسرعة عبر
المنصات الإلكترونية. الأجواء كانت حماسية ومليئة بالتوقع، مع تصفيق وهتافات تكررت كلما اقترب موعد الصعود على الركح.
مع حلول الساعة العاشرة ليلاً، اعتلى وائل جسار المسرح وسط تصفيق مدوٍّ من الحضور. وقد افتتح الحفل بأغنيته الشهيرة « غريبة الناس »، التي ردّدها معه الجمهور بكل شغف، لتتوالى بعد ذلك باقة من أشهر أغانيه، مثل « بتوحشيني »، و »مشيت خلاص »، و »مهما تقول ». لم يكتفِ جسار بأداء أغانيه فقط، بل تفاعل مع الجمهور بحرارة، ووجّه كلمات شكر ومحبة لتونس وشعبها، قائلاً إن « هذا الجمهور لا يشبه أي جمهور آخر في العالم العربي »، في إشارة إلى دفء الاستقبال وحسن التفاعل.
أداء جسار كان قويًا ومتوازنًا، جمع بين الحنين والعاطفة والإحساس، وهو ما جعل السهرة تتخذ طابعًا حميميًا بين الفنان وجمهوره. وقد استطاع أن يمزج بين الطرب الكلاسيكي والطابع العصري لأغانيه، ما جعله قريبًا من جميع الفئات، من الشباب إلى محبي الزمن الجميل. وظل الجمهور يتفاعل مع كل مقطع، بين تصفيق وترديد جماعي للأغاني، بينما حرص البعض على توثيق اللحظات عبر هواتفهم.
تواصل الحفل لأكثر من ساعة ونصف، ولم يغادر الجمهور أماكنهم حتى النهاية، مطالبين بالمزيد، إلى أن أنهى جسار السهرة بأغنية « خليني ذكرى »، التي بدا فيها التأثر واضحًا على الحضور، ليختتم بذلك ليلة من أجمل ليالي مهرجان بنزرت لهذه السنة
حفل وائل جسار في بنزرت لم يكن مجرد عرض فني، بل كان لقاء عاطفيًا مع جمهور وفيّ، أكّد مرة أخرى أنّ الفن الراقي ما زال يحظى بمكانة خاصة في قلوب التونسيين، وأن المهرجان قادر على استضافة لحظات موسيقية لا تُنسى، تعيد إلى الذاكرة زمن الطرب الجميل وتفتح نوافذ على الإبداع المعاصر.